قصة الكازوز وستيم كما يرويها احد الكتاب:
لعله اختراع لا يضاهيه اختراع في حياتنا الطفولية: الكازوز. يطلقون عليه في دمشق إسم "القازوز"، بل وينحرف إلى "قاجوز"، تماماً كما تصبح الزوجة زوزةً، والزوج جوزْ.
إنه "القاجوز"، واسمه في حلب كازوز، وعند الشوايا خاسوس، والأكراد يقولون له gازوز، بينما بالمصري اسمه أزوزة.
على ما أعتقد، الكازوز، كلمة فرنسية معناها مياه غازية كما هو مكتوب على الزجاجات المثيرة. ومن أشهر شركات الكازوز في سوريا كانت "السينالكو". و"السينالكو" ملاعبها في محافظات الجزيرة، بينما كان معملها في الحسكة. وبقيت المفضّلة لأعوام طويلة لدى كافة أفراد الشعب، وخاصة "درة سينالكو" تلك الزجاجة التي تدَّعي أنها عصير رمان، ذات اللون الأحمر القرمزي. والغاز الكثيف الذي يصعد إلى الأنوف ويخرج من بخاويشها إلى الفضاء. وكم كانت دعايات "سينالكو" في التلفزيون السوري جميلة، وخاصة دعاية "سينالكو كولا". وتلك الفرقة الراقصة على الثلج التي أصبح معظم أفرادها مخرجين تلفزيونيين في ما بعد.
وحسام تحسين بيك وصباح الجزائري في دعاية "ماستر كولا"، تلك الكازوزة الأبية التي عوّضتنا عن "كوكاكولا" الإسرائيلية على قولة أدبيات النظام الكازوزية. أو "بيبسي كولا" الانبطاحية حسب اعتقاد الأحزاب الشيوعية غير المهضومة حتى مع كازوز. وقاطعوا البضائع الأمريكية، هذا ما كان الشيوعيون يتحفوننا به على الجدران. وقاطعنا، وصارت "ماستر كولا" هي حياتنا، بينما تركنا "البيبسي والكوكا كولا" للإخوة اللبنانيين المتنعّمين بالاحتلال السوري بشمم وإباء.
كازوز.. كازوز، يصرخ المنادي في عتمة السينما. نستلم الزجاجة، ونسلّمه المال، ونضعها تحت الكرسي حالما تفرغ. أما في البقاليات، فكانت حوادث سرقة الزجاجات الفارغة دارجة، حتى اخترع البقالون صب الكازوزة في كيس ووضع شليمونة أو شفاطة بلاستيكية فيه كي نشفط منه، وأعتقد أن هذه الطريقة لم تُستخدَم في بلد غير سوريا.
ويبقى كازوز "جلّول" علامة دمشق الفارقة، بينما كازوز "ستيم" هو علامة حلب الفارقة. "ستيم" تلك الكازوزة الحمراء الشهية، التي يحبّها الأطفال والمراهقون والشيوخ والكهول والرجال والنساء. "ستيم" كازوزة حلب وسائر الشمال. بينما "جلّول" و"ماستر كولا" لدمشق والجنوب.
"السينالكو" موجود في كل الأماكن حتى استقرّ أواخر أيام عزّه كما أسلفنا في الشمال فقط، في حين انتفض كازوز "كراش" من دمشق وغزا الشمال وصارت ظاهرة كازوزة "كراش" ونكهة البرتقال العجيبة اللذيذة سيدة مجتمعات الكازوز في سوريا كلها. "كراش" هو الأفضل، "كراش" يغزو حلب، وحلب صعبة على البضائع غير الحلبية، لكن الأمر تمّ، صار "الستيم" الأحمر درجة ثانية، وتراجعت القيمة النخبوية لكازوزة "الببل أب" ذات الزجاجة الخضراء والتي كانت المعادل السوري لل"السفن أب"، وبات على مافيا الكازوز أن تتحرّك كي تزيح هذا المحتلّ الغريب، وبالفعل بدأت حملة شعبية أبطالها مرتزقة متنكّرون بأزياء فاعلي الخير وهم يتجوّلون في مركز المدينة وأطرافها حاملين في أيديهم زجاجة من كازوز "كراش" وفي قلبها صرصور كسول غارق في عسل الكازوز البرتقالي اللذيذ، وقد شاهدتُ شخصياً رجلاً يحمل زجاجة كراش مليئة مختومة الفوهة ويريها للناس كي يتأكدوا من وجود الصرصور داخلها، وللحق فقد أثر فيَّ المشهد وبدأتُ أقاطع كازوز "كراش" الذي كنت أحبّه وأفضّله، وعدتُ رويداً رويداً إلى "الستيم" بعد أن كنتُ قد نسيتُ طعمه.
إلى أن تحطّم سوق الكازوز بظهور تنكات الكازوز الفخمة المقلّدة لل"السفن أب" و"البيبسي" و"الكوكا كولا" بواسطة محدثي النعمة من شركاء المرحلة العتاة، وأصبح الكازوز كله في دفاتر النسيان، هو والأكياس التي كانوا يصبونها فيه ويضعون لنا في قلبها الشليمونة كي نشرب من دون أن نسرق الزجاجة الفارغة.
لعله اختراع لا يضاهيه اختراع في حياتنا الطفولية: الكازوز. يطلقون عليه في دمشق إسم "القازوز"، بل وينحرف إلى "قاجوز"، تماماً كما تصبح الزوجة زوزةً، والزوج جوزْ.
إنه "القاجوز"، واسمه في حلب كازوز، وعند الشوايا خاسوس، والأكراد يقولون له gازوز، بينما بالمصري اسمه أزوزة.
على ما أعتقد، الكازوز، كلمة فرنسية معناها مياه غازية كما هو مكتوب على الزجاجات المثيرة. ومن أشهر شركات الكازوز في سوريا كانت "السينالكو". و"السينالكو" ملاعبها في محافظات الجزيرة، بينما كان معملها في الحسكة. وبقيت المفضّلة لأعوام طويلة لدى كافة أفراد الشعب، وخاصة "درة سينالكو" تلك الزجاجة التي تدَّعي أنها عصير رمان، ذات اللون الأحمر القرمزي. والغاز الكثيف الذي يصعد إلى الأنوف ويخرج من بخاويشها إلى الفضاء. وكم كانت دعايات "سينالكو" في التلفزيون السوري جميلة، وخاصة دعاية "سينالكو كولا". وتلك الفرقة الراقصة على الثلج التي أصبح معظم أفرادها مخرجين تلفزيونيين في ما بعد.
وحسام تحسين بيك وصباح الجزائري في دعاية "ماستر كولا"، تلك الكازوزة الأبية التي عوّضتنا عن "كوكاكولا" الإسرائيلية على قولة أدبيات النظام الكازوزية. أو "بيبسي كولا" الانبطاحية حسب اعتقاد الأحزاب الشيوعية غير المهضومة حتى مع كازوز. وقاطعوا البضائع الأمريكية، هذا ما كان الشيوعيون يتحفوننا به على الجدران. وقاطعنا، وصارت "ماستر كولا" هي حياتنا، بينما تركنا "البيبسي والكوكا كولا" للإخوة اللبنانيين المتنعّمين بالاحتلال السوري بشمم وإباء.
كازوز.. كازوز، يصرخ المنادي في عتمة السينما. نستلم الزجاجة، ونسلّمه المال، ونضعها تحت الكرسي حالما تفرغ. أما في البقاليات، فكانت حوادث سرقة الزجاجات الفارغة دارجة، حتى اخترع البقالون صب الكازوزة في كيس ووضع شليمونة أو شفاطة بلاستيكية فيه كي نشفط منه، وأعتقد أن هذه الطريقة لم تُستخدَم في بلد غير سوريا.
ويبقى كازوز "جلّول" علامة دمشق الفارقة، بينما كازوز "ستيم" هو علامة حلب الفارقة. "ستيم" تلك الكازوزة الحمراء الشهية، التي يحبّها الأطفال والمراهقون والشيوخ والكهول والرجال والنساء. "ستيم" كازوزة حلب وسائر الشمال. بينما "جلّول" و"ماستر كولا" لدمشق والجنوب.
"السينالكو" موجود في كل الأماكن حتى استقرّ أواخر أيام عزّه كما أسلفنا في الشمال فقط، في حين انتفض كازوز "كراش" من دمشق وغزا الشمال وصارت ظاهرة كازوزة "كراش" ونكهة البرتقال العجيبة اللذيذة سيدة مجتمعات الكازوز في سوريا كلها. "كراش" هو الأفضل، "كراش" يغزو حلب، وحلب صعبة على البضائع غير الحلبية، لكن الأمر تمّ، صار "الستيم" الأحمر درجة ثانية، وتراجعت القيمة النخبوية لكازوزة "الببل أب" ذات الزجاجة الخضراء والتي كانت المعادل السوري لل"السفن أب"، وبات على مافيا الكازوز أن تتحرّك كي تزيح هذا المحتلّ الغريب، وبالفعل بدأت حملة شعبية أبطالها مرتزقة متنكّرون بأزياء فاعلي الخير وهم يتجوّلون في مركز المدينة وأطرافها حاملين في أيديهم زجاجة من كازوز "كراش" وفي قلبها صرصور كسول غارق في عسل الكازوز البرتقالي اللذيذ، وقد شاهدتُ شخصياً رجلاً يحمل زجاجة كراش مليئة مختومة الفوهة ويريها للناس كي يتأكدوا من وجود الصرصور داخلها، وللحق فقد أثر فيَّ المشهد وبدأتُ أقاطع كازوز "كراش" الذي كنت أحبّه وأفضّله، وعدتُ رويداً رويداً إلى "الستيم" بعد أن كنتُ قد نسيتُ طعمه.
إلى أن تحطّم سوق الكازوز بظهور تنكات الكازوز الفخمة المقلّدة لل"السفن أب" و"البيبسي" و"الكوكا كولا" بواسطة محدثي النعمة من شركاء المرحلة العتاة، وأصبح الكازوز كله في دفاتر النسيان، هو والأكياس التي كانوا يصبونها فيه ويضعون لنا في قلبها الشليمونة كي نشرب من دون أن نسرق الزجاجة الفارغة.
تعليقات
إرسال تعليق